التظلّم على إجراءات نزع الملكية وفق النظام السعودي
يمثل التظلّم على إجراءات نزع الملكية أحد أهم الضمانات التي قررها المنظّم لحماية حقوق الأفراد حين تُقدِم الجهات الحكومية على نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. ويأتي هذا الحق في إطار التوازن بين حاجة الدولة لتنفيذ مشروعاتها وتحقيق الصالح العام، وبين ضمان تعويض الأفراد تعويضاً عادلاً والنظر في الأضرار التي قد تلحق بالعقار المنزوع جزء منه أو المتضرر من المشروع.
أولاً: اختصاص المحاكم الإدارية في نظر تظلمات نزع الملكية
تُعرض تظلمات نزع الملكية أمام المحاكم الإدارية، وذلك استناداً إلى المادة 13/ب من نظام ديوان المظالم التي نصت على اختصاصها بـ:
“دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية…“
ويُعد في حكم القرار الإداري امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للأنظمة.
وبذلك يَدخل الامتناع عن تطبيق أحكام نظام نزع الملكية أو اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة ضمن القرارات الإدارية التي يجوز التظلّم عليها.
كما حددت المادة الثانية من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم معيار الاختصاص المكاني للمحكمة، بحيث تختص المحكمة التي يقع ضمن نطاقها مقر الجهة المدعى عليها أو فرعها متى كانت الدعوى متعلقة بذلك الفرع.
ثانياً: الإجراءات النظامية التي يجب على الجهة الإدارية اتباعها
نص نظام نزع الملكية على إجراءات واضحة تلتزم بها الجهات الحكومية عند نزع ملكية عقار أو جزء منه، ومن أهمها:
1. تشكيل لجنة تقدير التعويض
وفق المادة السابعة:
تُشكّل لجنة من عدة جهات حكومية وخبراء عقاريين لتقدير تعويض العقارات المنزوعة ملكيتها أو المتضررة من المشروع.
2. معالجة حالات نزع الجزء من العقار
المادة الحادية عشرة عالجت حال نزع جزء من العقار، وبيّنت أنه إذا ترتّب على هذا النزع ضرر بالجزء المتبقي، فإن على الجهات المختصة اتباع ما يأتي:
- تقدير قيمة كامل العقار أو الجزء المتضرر متى كان الجزء الباقي غير صالح للانتفاع به وفق التعليمات الفنية.
- الاستعانة بلجان من الأمانة أو البلدية المختصة لإثبات مدى الضرر.
- إشراك مندوب أو أكثر من وزارة البيئة والمياه والزراعة في حال كانت الأرض زراعية.
ويُعد هذا الإجراء ضرورة نظامية لتحديد ما إذا كان الجزء المتبقي صالحاً للانتفاع أم لحقه ضرر يستوجب التعويض.
3. آليات تقدير قابلية الجزء المتبقي للانتفاع
حددت اللائحة التنفيذية هذه العملية بوضوح، إذ نصت المادة الثامنة عشرة منها على أن لجنة من الأمانة أو البلدية والجهة صاحبة المشروع تتولى:
- الوقوف على الجزء المتبقي،
- إعداد تقرير عن قابليته للانتفاع،
- ثم إحالته إلى لجنة التقدير لتحديد التعويض المستحق.
ثالثاً: حالات التظلّم في سياق نزع الملكية
يحق لصاحب العقار التظلّم في الحالات الآتية:
- الامتناع عن اتخاذ الإجراءات النظامية المنصوص عليها في المواد المتعلقة بتقدير الضرر في الجزء المتبقي من العقار.
- عدم تفعيل اللجان التي أوجب النظام تشكيلها.
- التقاعس عن تقدير الأضرار التي لحقت بالجزء المتبقي من العقار المنزوعة ملكيته جزئياً.
- أي قرار إداري أو امتناع يصدر من الجهة صاحبة المشروع أثناء تطبيق النظام.
وهذه الحالات كلها تندرج تحت مفهوم “القرار الإداري السلبي” الذي يجوز الطعن فيه أمام ديوان المظالم.
رابعاً: قبول التظلّم وشروطه
بالنسبة لتظلمات الامتناع، استقر العمل القضائي – وهو ما يستفاد من النصوص – على أنها:
- لا ترتبط بالمدد المحددة لتقديم الدعاوى الأخرى مثل المدة الواردة في المادة الثامنة من نظام المرافعات.
- ويكفي أن يثبت صاحب الشأن أن الجهة الإدارية امتنعت عن تنفيذ واجب أوجبه النظام.
خامساً: أهمية تفعيل النصوص النظامية
يُعد تفعيل النصوص النظامية في نظام نزع الملكية ركناً جوهرياً لضمان العدالة، إذ إن:
- النصوص وضعت لتحقيق التوازن بين المصلحة العامة وحقوق الأفراد،
- وإهمال تفعيل اللجان أو الامتناع عن تطبيق الأنظمة يؤدي إلى الإخلال بهذا التوازن،
- مما يفتح باب التظلّم المشروع أمام المتضررين، ويستوجب من الجهة الإدارية تصحيح وضعها وفق ما تقرره الأنظمة.
خلاصة المقال
إن حق التظلّم على إجراءات نزع الملكية مقرر بوضوح في الأنظمة، ويشمل التظلّم من:
- القرارات الإدارية،
- أو الامتناع عن اتخاذ قرار واجب،
- أو تجاهل الإجراءات الملزمة المتعلقة بتقدير التعويض والضرر.
وتتحمل الجهة الإدارية مسؤولية اتباع الإجراءات النظامية، وتفعيل لجان التقدير، والوقوف على الجزء المتبقي من العقار عند نزع جزء منه لتحديد مدى الضرر.
وإذا امتنعت الجهة عن أداء ما أوجبه النظام، فإن التظلّم أمام ديوان المظالم يصبح الطريق النظامي لإعادة الأمور إلى نصابها.